الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كلمة في رئاسة الأمر بالمعروف
4895 مشاهدة
خطورة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ومتى ترك هذا الأمر وتركت هذه الوظيفة فإن العاقبة سيئة؛ لأن تركها يكون سببا لحلول البدع وانتشار المنكرات، وحصول الفواحش والمحرمات، وكثرة المعاصي؛ فيكون ذلك سببا للعقوبات التي تعم جميعهم.
في حديث أبي بكر الذي في السنن قال رضي الله عنه: أيها الناس إنكم تقرءون قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ( أوشك )؛ يعني أحرى، وقرب أن تعمهم العقوبة إذا رأوا المنكر وهم قادرون على أن يغيروه فتركوا تغييره، فإن هذا يكون سببا لعموم العقوبة أن يعمهم الله بعقاب من عنده، سيما إذا كانت المعاصي ظاهرة مشاهدة، فإن العقوبة عليها عامة.
وفي حديث آخر: إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت ولم تغير ضرت العامة ؛ يعني الذين يقدرون على أن يغيروا ولكنهم لم يغيروا. فيضرهم؛ يعني تنزل العقوبة بهم جميعا، وقد استُدِل على ذلك بقول الله تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي تعمهم وتعم غيرهم؛ تعم الظالمين وتعم الساكتين.
ولا شك أن السكوت مع القدرة ومع التمكن من الإزالة يكون سببا في إقرار المنكر، ثم سبب في فشو المنكرات وكثرتها وتمكنها في المجتمعات الإسلامية، والعجز بعد ذلك عن السيطرة عليها والقضاء عليها؛ لأن المنكر إذا تسوهل فيه لأول الأمر فإن أهله يتمكنون، ثم يزيدون ويزيد شرهم إلى أن يصير لهم قوة ومنعة وتمكن فيصعب بعد ذلك إزالة هذا المنكر، وربما يصبح كما ورد في حديث غربة الدين يصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا، والسنة بدعة والبدعة سنة، وإذا غيرت البدعة قالوا: غيرت السنة، وهذا ظاهر كثيرا في هذه الأزمنة.
ولا شك أيضا أن عقوبة الله تعالى إذا نزلت تعم الصالح والطالح، وقد وردت أحاديث كثيرة وآيات فيها الحث على الأمر والنهي، والإلزام بترك المنكرات والمحرمات، وصف الله تعالى المؤمنين قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ قدم الأمر والنهي على الصلاة والزكاة، وهو دليل على مكانة هذه الوظيفة وأهميتها.